فصل: (سورة المائدة: آية 111)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- {إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}:
يجدر بدارس اللغة أن يكون على بينة من أمر «إن» فقد تكون مخففة من «إنّ» التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تكون شرطية تجزم فعلين مضارعين فعل الشرط وجوابه، وقد تكون العاملة عمل ليس ترفع الاسم وتنصب الخبر كما هي في هذه الآية.
وهنا يحق للسائل أن يسأل لماذا لم تعمل عملها في هذه الآية مع أنها نافية.
والجواب على ذلك بأنّ «إن» العاملة عمل ليس لا تعمل عملها إلا بشرطين..
الأول: أن لا يتقدم خبرها على اسمها فإن تقدم بطل عملها.
الثاني: أن لا ينتقض نفيها بـ «إلّا» كما ورد في هذه الآية ولذلك جاء الخبر مرفوعا.
ومن أغرب الاصطلاحات اللغوية ما روي عن الكسائي أنه سمع أعرابيا يقول: إنا قائما. فأنكرها عليه وظن أنها إنّ الناصبة للاسم الرافعة للخبر وكان حقها أن ترفع قائما وعند ما استفسر منه عن مراده. فإذا هو يريد: «إن أنا قائما أي ما أنا قائما» وقد ترك همزة «أنا» تخفيفا ثم أدغم كقوله تعالى: {لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}.

.[سورة المائدة: آية 111]

{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (111)}.

.الإعراب:

(الواو) عاطفة (إذ أوحيت) مثل إذ قال الله، (إلى الحواريين) جار ومجرور متعلق بـ (أوحيت) وعلامة الجر الياء (أن) حرف تفسير، (آمنوا) فعل أمر وفاعله (الباء) حرف جر و(الياء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (آمنوا)، (الواو) عاطفة (برسول) جار ومجرور متعلق بـ (آمنوا)، و(الياء) ضمير مضاف إليه، (قالوا) مثل كفروا، (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون... (ونا) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (اشهد) فعل أمر، والفاعل أنت (الباء) حرف جر و(أنّ) حرف مشبه بالفعل و(نا) ضمير في محلّ نصب اسم أن (مسلمون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو- والمصدر المؤول (أننا مسلمون) في محلّ جر بالباء متعلق بـ(اشهد).
جملة {أوحيت...} في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة {آمنوا بي} لا محلّ لها تفسيريّة.
وجملة {قالوا...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {آمنا} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {اشهد} في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.

.[سورة المائدة: الآيات 112- 113]

{إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)}.

.الإعراب:

(إذ قال الحواريون) مثل إذ قال الله، (يا عيسى ابن مريم) مرّ إعرابها، (هل) حرف استفهام (يستطيع) مضارع مرفوع (ربّ) فاعل مرفوع و(الكاف) ضمير مضاف إليه (أن) حرف مصدري ونصب (ينزل) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و(نا) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (ينزل)، (مائدة) مفعول به منصوب (من السماء) جار ومجرور متعلق بـ (ينزل) والمصدر المؤول (أن ينزل) في محلّ نصب مفعول به عامله يستطيع.
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (اتقوا) فعل أمر مبني على حذف النون... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط... (وتم) ضمير اسم كان (مؤمنين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة {قال الحواريون...} في محلّ جر بإضافة (إذ) إليها.
وجملة {يا عيسى...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {هل يستطيع ربك...} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة {ينزّل...} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن).
وجملة {قال...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {اتقوا...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {كنتم مؤمنين} لا محلّ لها استئنافية... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: إن كنتم مؤمنين بقدرة الله فاتقوا الله في هذا الطلب... أو فاتقوا الله كي يستجيب لكم.
(113) (قالوا) فعل ماض وفاعله (نريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (أن نأكل منها) مثل أن ينزل علينا... والجار متعلق بـ (نأكل).
والمصدر المؤول (أن نأكل) في محلّ نصب مفعول به عامله نريد.
(الواو) عاطفة (تطمئن) مضارع منصوب معطوف على (نأكل)، (قلوب) فاعل مرفوع و(نا) ضمير مضاف إليه (ونعلم) مثل وتطمئن (أن) مخففة من أنّ المشددة، واسمها ضمير الشأن محذوف أي أنه (قد) حرف تحقيق (صدقتنا) فعل ماض وفاعله ومفعوله (الواو) عاطفة (نكون) مضارع ناقص منصوب معطوف على (نأكل)، واسمه ضمير مستتر تقديره نحن (عليها) مثل علينا متعلق بالشاهدين (من الشاهدين) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر نكون وعلامة الجر الياء.
وجملة {قالوا...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {نريد...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {نأكل} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن).
وجملة {تطمئن قلوبنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة {نعلم...} لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة {قد صدقتنا} في محلّ رفع خبر أنّ- المخففة-.
وجملة {نكون... من الشاهدين} لا محلّ لها صلة معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.

.الصرف:

(مائدة)، اسم جامد للخوان عليه طعام، وهي- على رأي- فاعلة، مشتقة من ماد يميد باب باع، فكأنها تميد بما عليها من الطعام. وهي- على رأي آخر- مفعولة، مشتقة من ماده بمعنى أعطاه، فهي كعيشة راضية وأصلها أنها ميد بها صاحبها أي أعطيها. وقال ثالث:
سميت مائدة لأنها غياث وعطاء. وفي المصباح: مادة ميدا من باب باع أعطاه، والمائدة مشتقة من ذلك وهي فاعلة بمعنى مفعولة لأن المالك مادها للناس أي أعطاهم إياها، وقيل هي مشتقة من ماد يميد أي تحرك، فهي اسم فاعل على الباب. اهـ.

.الفوائد:

1- {يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}...
ما هي حركة اعراب المنادي «عيسى» الجواب أن النحاة قد أجازوا في مثل هذا المنادي وجهين فقالوا:
إذا كان المنادي مفردا علما وأتبع بـ «ابن» ولم يفصل بينهما فاصل ثم كان ابن مضافا إلى علم كما في الآية المذكورة فيجوز لنا أن نبنيه على الضم كما هو في المنادي «مفرد العلم» ويجوز لنا أن نتبعه لحركة «ابن» التي هي النصب مثال ذلك قول عمرو بن كلثوم.
بأي مشيئة عمرو بن هند ** تطيع بنا الوشاة وتزدرينا

فيمكن اعتبار عمرو مبني على الضم كما يمكن اعتباره منصوبا تبعا لحركة ابن وهي النصب: فتأمّل...!

.[سورة المائدة: آية 114]

{قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)}.

.الإعراب:

(قال) فعل ماض (عيسى) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (ابن) نعت لعيسى مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (ابن) نعت لعيسى مرفوع مثله أو بدل منه أو عطف بيان (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة (اللهم) منادى محذوف منه أداة النداء مبني على الضم في محل نصب... والميم المشددة عوض من ياء النداء (ربّ) نعت للفظ الجلالة تبعه في النصب لأنه مضاف و(نا) ضمير مضاف إليه (أنزل) فعل أمر دعائي، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (على) حرف جر و(نا) ضمير في محل جر متعلق (بأنزل)، (مائدة) مفعول به منصوب (من السماء) جار ومجرور متعلق بفعل أنزل، (تكون) مضارع ناقص مرفوع واسمه ضمير مستتر تقديره هي (اللام) حرف جر و(نا) ضمير في محل جر متعلق بحال من (عيدا) وهو خبر الناقص منصوب (لأول) جار ومجرور بدل من (لنا) بإعادة الجار و(نا) مضاف إليه (الواو) عاطفة (آخرنا) معطوف على أولنا ويعرب مثله (الواو) عاطفة (آية) معطوف على (عيدا) منصوب (من) حرف جر و(الكاف) ضمير في محل جر متعلق بنعت لآية (الواو) عاطفة (ارزق) مثل أنزل و(نا) ضمير مفعول به (الواو) استئنافية (أنت) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (خير) خبر مرفوع (الرازقين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء.
جملة {قال عيسى...} لا محلّ لها استئنافية.
وجملة اللهم وما في حيّزها في محل نصب مقول القول.
وجملة {أنزل علينا...} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة {تكون... عيدا} في محل نصب نعت لمائدة.
وجملة {ارزقنا} لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة {أنت خير...} لا محلّ لها استئنافية.

.الصرف:

(عيدا)، اسم مشتقّ من العود بفتح العين وسكون الواو لأنه يعود كلّ سنة، ففيه إعلال قلبت الواو ياء لمجيئها ساكنة بعد كسر، وأصله عود بكسر العين وسكون الواو، ولكنهم صغّروه على عييد وجمعوه على أعياد وذلك فرقا بينه وبين عود الخشب.
(الرازقين)، جمع الرازق وهو اسم فاعل من رزق يرزق باب نصر، وزنه فاعل.

.الفوائد:

1- اختص المنادي إذا كان لفظ الجلالة بأمور ليست لغيره من أقسام المنادي. منها أن همزة لفظ الجلالة تقطع وجوبا نحو قولنا «يا اللّه».
ومنها أن الأكثر حذف حرف النداء مع لفظ الجلالة والتعويض عنه بميم مشدّدة مفتوحة، للدلالة على التعظيم نحو «اللهم ارحمنا».
ثالثا: لا يجوز وصف لفظ الجلالة عند ما ينادى لا على اللفظ ولا على المحل وهذا هو الصحيح لدى الجمهور، وقد حملوا قوله تعالى: {اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} على أنه نداء ثان، أي يا فاطر السماوات والأرض.
2- يستعمل لفظ «اللهم» على ثلاثة أنحاء:
الأول: أن يكون للنداء المحض نحو «اللهم اغفر لي».
الثاني: أن تأتي تمكينا للجواب في نفس السامع كأن يقال لك: أخالد فعل هذا فتقول: اللهم نعم.
الثالث: أن تذكر للدلالة على ندرة الشيء وقلة وقوعه كقولك للمجاهد:
إن اللّه سيثيبك على عملك اللهم إن أخلصت النية فيه.
ومن شاء أن يتكثّر من فقه النحو فعليه ببحث النداء في المطولات.

.[سورة المائدة: آية 115]

{قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعالَمِينَ (115)}.

.الإعراب:

(قال اللّه) مثل قال عيسى، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و(الياء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (منزّل) خبر مرفوع و(ها) ضمير مضاف إليه (على) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق باسم الفاعل منزّل (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يكفر) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بعد) ظرف زمان مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب متعلّق بـ (يكفر)، (منكم) مثل عليكم متعلّق بحال من فاعل يكفر (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّي أعذّبه) مثل إنّي منزّلها (عذابا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو اسم مصدر منصوب (لا) نافية (أعذّب) مضارع مرفوع- وكذلك الأول- و(الهاء) ضمير في محلّ نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو ضمير المصدر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (أحدا) مفعول به منصوب (من العالمين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لـ (أحدا)، وعلامة الجرّ الياء.
جملة {قال اللّه...}: لا محلّ لها استئنافية.
وجملة {إنّي منزّلها}: في محلّ نصب مقول القول.
وجملة {من يكفر...}: في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة {يكفر...}: في محلّ رفع خبر المبتدأ (من).
وجملة {إنّي أعذّبه...}: في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة {أعذّبه} (الأولى): في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة {أعذّبه} (الثانية): في محلّ نصب نعت لـ (عذابا).

.الصرف:

(منزّلها)، اسم فاعل من نزّل الرباعيّ، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
(عذابا)، اسم مصدر للفعل عذّب الرباعيّ، مصدره القياسيّ تعذيب.

.الفوائد:

- {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ}.
للنحاة اهتمام بهذين الظرفين «قبل وبعد» نلخص لك ما ورد حولهما من بحث وتمحيص أنهما ظرفان للزمان ينصبان على الظرفية أو يجّران بمن نحو «جئت قبل الظهر أو بعده ويصح من قبله أو بعده».
وقد يأتيان للمكان نحو «داري قبل دارك أو بعدها» وهما معربان نصا أو مجروران بمن.
ويبنيان على الضم إذا قطعا عن الإضافة لفظا وبقي المعنى ملحوظا، كما هو في الآية المذكورة. فقد بقي المضاف إليه في النية والتقدير أي من بعد نزول المائدة ومثل ذلك قوله تعالى: {للّه الأمر من قبل ومن بعد} أي من قبل الغلبة ومن بعدها. فإن قطعا عن الإضافة لفظا ومعنى كانا معربين نحو: جئت قبلا أو بعدا ومنه قول الشاعر:
فساغ لي الشراب وكنت قبلا ** أكاد أغصّ بالماء الفرات

ولتقرير جملة هذا البحث نقول:
إذا أردت قبليّه أو بعديّه معينتين عينت ذلك بالاضافة نحو جئت قبل الشمس أو بعدها، أو بحذف المضاف إليه وبناء قبل وبعد على الضم نحو: جئتك قبل وبعد أو من بعد. فالظرف هنا وإن قطع عن الإضافة لفظا لم يقطع عنها معنى. وإن أردت قبلية أو بعدية غير معينتين قلت جئتك قبلا أو بعدا أو من قبل أو من بعد وذلك بقطعهما عن الإضافة لفظا ومعنى وتنوينهما، إذ قصد بهما إلى التنكير والإبهام.